التقويم و الدعم.
دعم مجهود المتعلم فكرة قديمة جديدة :
إن دعم مجهود المتعلم وعلاج ضعفه في المجال الدراسي فكرة قديمة .وقد تجلت من خلال مواقف وآراء مفكرين و مربين في فترات تاريخية محددة.كما انها اتخذت مظاهر متعددة تؤشر كلها على وجود وعي بضرورة مساعدة المتعلم على تجاوز مواطن الضعف لديه ،فابن خلدون أكد على ضرورة مسايرة وثيرة التلميذ في التعلم ، ودعم تعلمه بوسائل التكرار ،وتقريب الفكرة بأمثلة حسية.
وفي القرن السابع عشر كان رجال الدين اليسوعيون يخصصون أوقاتا لدعم تعليم التلميذ ،ويؤكدون على فكرة أن كل الاطفال بإمكانهم أن يتفوقوا إذا أتيحت لهم فرصة تعليم جيد .وأكد جون لوك كذلك ان الفروقات بين الافراد إنما ترجع إلى نوع التربية التي تلقوها.
وفي القرن التاسع عشر ،نمت فكرة البحث عن تعلم حقيقي لا يستند على منطق العقاب ،وإنما يتخذ شعارا له (حرية المتعلم)،والاستجابة لحوافزه الداخلية، فكانت هذه الأفكار بدايات جنينية لبيداغوجيا مفتوحة قائمة على التعلم والتصحيح الذاتين ،وقد ظهر هذا جليا عند جان جاك روسو و بيستالوزي و مونتيسوري.
أما في العصور الحديثة ،فإن هناك عوامل عديدة قادت إلى طرح مشكل الفشل الدراسي والبحث عن صيغ لعلاجه .وهي عوامل يمكن يمكن اختزالها في المتغيرات التالية :
أ) دمقرطة التعليم،فبالاضافة إلى حق الطفل في التعلم تنفيذا لشعار التعليم للجميع ،هناك حق النجاح للجميع ، والبحث عن سبل المساواة في نتائج التعليم أكثر من المساوات في فرصه. وقد قاد تبني هذا الطرح إلى البحث عن طرائق لمساعدة الأطفال الضعاف ودعمهم .
ب) تطور مناهج البحث في الحقول العلمية المتعلقة بالانسان .ذلك أن البحث في النمو العضوي و العقلي وآليات التعلم وغيرها من الظواهر الإنسانية ، قاد إلى تبني أطروحة وجود فروقات بين الافراد ، وخلافات في مكوناتهم الشخصية . وقد أثرت هذه الأفكار على استراتيجيات التعليم والتعلم وطرائقه.
أما بالنسبة للمغرب فإن فكرة دعم المجهود الدراسي للمتعلم فكرة اكدت حظورها بطرق و أشكال عديدة :فقد يتم هذا الدعم بتدخل أفراد الأسرة لمساعدة الأبناء علىإنجاز واجباتهم المنزلية ، أويدفع بهم لمتابعة دروس خصوصية للتقوية ، أو يلجأ بعض المدرسين لتخصيص حصص إضافية للمراجعة مع التلاميذ ، أو تكليفهم بواجبات منزلية تعويضية .وإضافة إلى ذلك كنا نلاحظ ظهور عددا من المراجع بموازاة الكتب المدرسية ،قصد مساعدة التلاميذ على اجتياز الامتحانات .وكل هذه الأشكال تلقائية وغير منظمة لكنها تمارس بطريقة موازية للتعليم المدرسي .
أما على الصعيد الرسمي فتعتبر المذكرة 173 الصادرة بتاريخ 30أكتوبر1989(التقويم المستمر بأقسام الطور الأول من التعليم الأساسي )إطارا مرجعيا عاما مع اعتبار التعديلات المتوالية الواردة في المذكرات اللاحقة إلى حين الشروع في تطبيق مقتظيات الإصلاح التروي الحالي .
تعريف التقويم التقويم هو كل إجراءات وعمليات الكشف عن تعثر المتعلمين،أي الكشف عن الفارق بين النتائج المرتفبة والنتائج المحققة فعلا ، من أجل اتخاذ قرارات لتصحيح ذلك الفارق.فالتقويم إذن ليس غاية أوهدفا في حد ذاته ،بل أداة ووسيلة ،إذ يعتبر عملية أساسية سابقة لعملية التصحيح والدعم .فعلى أساس نتائجه نحدد خطة طريق أو استراتيجية تصحيحية.
أهمية التقويم :
تتجلى الأهمية التي يوليها المنهاج للتقويم والدعم في الحيز الزمني الذي اللافت للنظر المخصص لهما والذي تصل نسبته الى 30 / من مجمل أسابيع الراسة الفعلية ، هذا فضلا عن التقويم والدعم المندمجين في بنية كل نشاط من مختلف الدروس .
وظائف التقويم
1وظيفة الحماية المعرفية للمتعلم وتحصينه بيداغوجيا من الوقوع في صعوبات تعليمية مختلفة .
وظيفة إعادة صياغة حصيلة التعلم وتعديلها.وظيفة اتخاذ قرارلوضع تصميم لحصص الدعم وحصص الانشطة الموازية.
2 _ للتقويم دور فاعل في توجيه المعلم لتلاميذه بناء على ما بينهم من فروق تتضح أثناء عمله معهم .
3 ـ يزيد التقويم من دافعية التعلم عند المتعلمين حيث يبذلون جهودا مضاعفة .
أسس التقويم التربوي :
أصبح التقويم على حداثته في مجال التربية والتعليم من الأمور الراسخة بالنسبة للتربية والعاملين فيها ، وقد أصبحت له أسس ثابتة تجب مراعاتها عند القيام به ، وأهم هذه الأسس آلاتي :
1 ـ من البدهي أن يتم التقويم في ضوء الأهداف التي وضعت للتعليم منذ البداية ، ومن هنا فإن القائمين على أمر التقويم يجب أن يتم تقويمهم لمايريدون تقويمه في ضوء تلك الأهداف .
2 ـ التقويم في جزء منه عبارة عن عملية تشخيصية يحاول القائمون بها أن يبينوا مواطن القوة ، والضعف فيما يقومونه ، وهذه العمليات التشخيصية تحتاج إلى الدقة ، والموضوعية لأنه على ضوء نتائجها ستوضع برامج للدعم والتصحيح .
3 ـ التقويم عملية مستمرة أي أنها لا تتم دفعة واحدة كما هو الحال في بعض الامتحانات التي نحكم من خلالها على االمتعلمين نجاحا أو رسوبا ، وهدف التقويم هو الحكم على مدى التقدم الذي يحرزه المتعلم في ضوء برنامج دراسي معين ، ومعرفة مدى ما تحقق من أهداف هذا البرنامج ، ومدى السرعة التي تم بها .
4 ـ عند تقويم االمتعلمين ينبغي أن يكون واضحا في ذهن الاستاذ أن عنصر الفروق الفردية عنصر جوهري لا بد من مراعاته ، فليس معنى وجود االمتعلمين في حجرة دراسية واحدة أنهم جميعا متساوون في كل شيء ، فتقويم المتعلم يتم في ضوء تقدمه هو لا في ضوء تقدم زملائه .
5 ـ أن يترك التقويم أثرا طيبا في نفس المتعلم ، وذلك من خلال تعاونه مع معلمه في عملية التقويم خاصة إذا شعر المتعلم أن معلمه يقف منه موقف المرشد الناصح ، وليس موقد الناقد الباحث عن العيوب ، والأخطاء .
6 ـ مراعاة تنوع آليات التقويم ، فكلما تنوعت هذه الآليات ، أو الأدوات كلما زادت معلوماتنا عن المجال الذي نقومه .
خصائص التقويم : و للتقويم خصائص هي :
1- الشمولية : فهو يحدد نواحي نمو المتعلم أو تغير سلوكه معرفيا و مهاريا و وجدانيا 0
2- الاستمرارية : فهو عملية مستمرة تسير جنبا إلى جنب مع الفعاليات التعليمية- التعلمية 0
3- الموضوعية : أن يكون بعيدا عن التحيز و الذاتية .
4- السهولة : عدم التعقيد في وضع السؤال و تصحيحه و الحصول على النتائج0
5- العلمية : و تشمل الصدق و إظهار الفروق الفردية
مراحل التقويم :يخضع اجراء التقويم إلى ثلاث مراحل :
1- مرحلة جمع البيانات :تجمع البيانات حول مظاهر التعلم عن طريق أدوات وأساليب التقويم وتقنياته.
2- مرحلة القراءة والاستكشاف :تحلل فيها البيانات وينظم بها تقدير وضعية المتعلمين .
3- مرحلة الاستتمار واتخاذ المسار التصحيحي :التهيؤ لاتخاذ مسار معين في توجيه أو اصلاح أو دعم السلوك التعليمي الذي تم تقويمه .
أساليب التقويم:
هناك أعداد كثيرة من أساليب التقويم التي يمكن استخدامها لتقدير تحصيل المتعلمين في المراحل الدراسية المختلفة وهي : ـ
1 ـ اختبار الصواب أو الخطأ .
2 ـ اختبار التكميل ، أو ملء الفراغ .
3 ـ اختبار المزاوجة .
4 ـ اختبار إعادة الترتيب .
5 ـ اختبار التصنيف .
6 ـ الاختيار من متعدد .
حقول ومجالات تنفيذ عملية التقويم:
عندما نقوم بعملية التقويم فإننا حثما نريد أن نكشف عن التعثر الدراسي في المجالات التي تستهدفها العملية التعليمية،وهي:
- المجال المعرفي العقلي :ويتعلق بكل المهارات العقلية والقدرات الذهنية التي يمكن أن تكون موطن نقص كالتذكر والقدرة على التحليل والتطبيق...
-المجال الحس حركي :ويتعلق الأمر بالمهارات ذات طبيعة حركية،لفظية كانت أوجسمية ,يدوية...
-المجال الوجداني: ويتعلق بالمواقف والقيم والمبادئ والاهتمامات المراد تنميتها لدى المتعلم والتي يمكن أن تبين عن مؤشرات لضعف التلاميذ...
. التشخيص قنطرة ضرورية للانتقال من التقويم إلى إلى الدعم:
إذا كان التقييم إجراء للكشف عن تعثر التلاميذ،فإنه يقودنا منطقيا إلى طرح السؤال التالي :لماذا حصل هذا التعثر؟
الجواب على هذا السؤال انتقال إلى عملية التشخيص .والتشخيص عملية نقوم بها بعد فعل التقويم ،لاكتشاف
عملية الدعم
الدعم تدخل بيداغوجي يتم بتقنيات و بإجراءات و وسائل ترمي إلى تقليص الفارق بين ما نتوخاه وما حقق فعلا من نتائج ،أي بين الأهداف المرجوة والنتائج المحققة فعليا ، والتي قد لا تعكس ما نتوخاه من أهداف . و ذلك من أجل الرفع من مردو دية وجودة العملية التعليمية ــ التعلمية، و تفادي الإقصاء و التهميش و تعزيز فرص النجاح و محاربة الفشل الدراسي.
وليس الدعم عملية تهتم بالصعوبات،والتعثرات والأخطاء فقط، وإنما يراعي وتيرة التعلم، لدى كل مجموعة من التلاميذ، وبقدر ما يولي عناية خاصة بذوي الصعوبات،فإنه يهتم بالتلاميذ المتوسطين، وبالمتفوقين حسب ما يلائم كل فئة ويغني تجربتها، ويطورأداءها.
مراحل عملية الدعم :
تخضع عملية الدعم لثلاث خطوات رئيسية:
1-تخطيط عملية الدعم :تتأسس استراتيجية الدعم على عملية التخطيط، ويفيد التخطيط كل ما نعده ونهيئه لتنفيذ عملية الدعم ،ويشمل العمليات التالية :
أ- تحديد الأهداف المتوخاة من عملية الدعم ،هذه الأهداف التي مصدرها هو جملة البيانات و المعلومات المستقاة من عمليتي التقويم والتشخيص، فلا يمكن أن يكون الهدف مخالفا لطبيعة التعثرات ونوعيتها.
ب- بناء استراتيجية للدعم ،ويقصد بها كل ما يمكننا من بلوغ الأهداف المتوخاة،من طرائق ووسائل وأدوات منسجمة مع نوعية الأهداف.
2 – تنفيذ عملية الدعم :بعد عملية التخطيط والتصميم ، ننتقل إلى عملية التنفيذ في وضعيات ملموسة ،وفق ما تم التخطيط له ،أو بمعنى آخر ننقل الإجراءات السابقة من حيز التخطيط إلى حيز الانجاز والتنفيذ.
3- تقويم عملية الدعم:يختلف الدعم عن بقية مهام التدريس العادية بكونه إجراء يرتبط بتعثر معين،لذلك فإن عملية التقويم جزء من هذا النشاط.فما نقوب به من أنشطة من أجل الدعم ، ينبغي أن نختبر نتائجه الفعلية،وأن نتأكد من بلوغ الأهداف المرجوة.ومن تم ضرورة إدماج عملية تقويم لأنشطة الدعم المنجزة.
و نجد عدة مفاهيم اشتغلت على أساليب الدعم كالثتبيت و التقوية و التعويض و الضبط و الحصيلة و العلاج و المراجعة..
الملاحظ أن عمليات الدعم داخل المدرسة المغربية لا تهتم سوى بما هو معرفي، و لا تعير أي اهتمام للصعوبات و المعوقات النفسية و المادية و الاجتماعية للمتعلمين، ذلك أنه لا يمكن أن نهتم ببعد واحد من شخصية المتعلم، حيث إن عملية التعلم تتحكم فيها كل الأبعاد المختلفة لشخصية المتعلم و وسطه المادي و السوسيو ــ ثقافي عامة؛ و عليه وجب خلق أشكال دعم نفسية و اجتماعية، و ربما فزيولوجية و صحية داخل مدارسنا و ذلك إما بالعمل على تكوين خاص للمدرسين و الأطر، أو تعيين أخصائيين و إبرام شراكات..